في مرات عديدة اعود الى مؤلفات البرازيلي جورج أمادو ومنها رواية اشبة بسيرة ذاتية عنوانها "طفل من حقول الكاكاو" . كان أمادو من الأهمية في بلاده جعلت منه أكثر من روائي، حتى أنّ هناك عبارة شعبية شهيرة في البرازيل تقول "إذا أردت أن يكرهك كلّ سكان البرازيل أدخل في صراع مع جورج أمادو وأشتمه" في رواية طفل من حقل الكاكاو، نتجول مع بطلها في البرازيل، حيث يسلط الضوء على الظلم الذي يتعرض له الانسان الضعيف من قبل مجاميع تصر على أن أمور البلاد يجب أن لا تخرج من قبضتها، سيقول قارئ عزيز حتمًا ما لنا وللبرازيل يارجل، هي بعيدة ولا علاقة لها بتجربتنا الديمقراطية. نحن قدّمنا النموذج الأمثل. وقفنا وقفة رجل واحد من أجل هيبة البرلمان، أما هيبة المواطن فمسألة فيها نظر.إسمحوا لي أن أحيلكم إلى خبر غريب ومثير للأسى في نفس الوقت نشرته العديد من المواقع وفيه نقرأ ان نائب من برلماننا " العنيد قاد تظاهرة في مدينة سفوان، لأن مديرة مدرسة تجرأت واشتكت في المحكمة ضد خطيب جامع شهر بها في احدى خطبه وحرض عليها .. النائب منزعج لأن سيدة محترمة ومديرة مدرسة تشتكي على رجل دين يُحرض ضد الابرياء ، وعندما يسألون النائب : لماذا تتظاهر وانت نائب تمثل القانون ؟ .. يجيب بكل اريحية لان مديرة المدرسة لم تحترم العمامة .
إذن النائب يطالب بالقصاص من مديرة المدرسة لانها كانت شجاعة اواصرت على ان تحتكم للقانون ، ، ولهذا لابد لمديرة المدرسة هذه ان تُحاسب ، وان تعتذر لرجل الدين الذي اخبرنا انه " ليس مسؤولاً عن الخطاب الذي ألقاه ضد مديرة المدرسة ، فقد كنت اقرأ نصاً مكتوباً" .
لابد من أن مواطن مثل جنابي لا يجد غرابة في تظاهرة السيد النائب رفيق الصالحي، ، وهو يجد نفسه فوق الدولة والقانون، لا أدري ماذا سيقول العالم المتحضر وهو يسمع ويشاهد دولة لا يقبل فيها نائب منتخب أن يتدخل القانون لحماية امرأة ، ولا أدري هل من أساسيات بناء الدولة، التي يتشدق بها النواب ، أن نقف في وجه مؤسسة القضاء .
لعلها نكتة حين نستمع لتبريرات النائب وقيادته لتظاهرة ضد سيدة تعمل في مجال التربية والتعليم ، والمثير للغرابة ان النائب يخبرنا: من هي الجهة المسموح لها بانصاف هذه السيدة التي كان يمكن ان تُقتل بسبب تحريض خطيب الجامع ؟، لكن السيد النائب يحذرنا من أن خطيب الجامع "مقدس" لا يمكن للعبيد من أمثالنا الاقتراب منه، لكن يسمح لهذا الخطيب أن يحرض ضد الناس وان يتهموهم ويفتري عليهم .