مر صالح الكويتي في رحلاته الاغترابية الطويلة بمحطات كثيرة أولها الكويت التي ولد فيها لأب عراقي، والبصرة التي زارها عازفا للعود، وبغداد التي قرر الاستقرار فيها نهائيا منذ عام 1922 ثم الهجرة او النفي مرغما عام 1951. في بغداد قرأ له صديقه الشاعر عبد الكريم العلاف قصيدة، قال له ان هذه نغمات اكثر منها كلمات فقرر ان يلحنها فخرجت الى النور أولى اغنياته "وين رايح وين " بصوت مطربة جاءت من الشام اطلقت على نفسها اسم زكية جورج، هام بها شعراء بغداد،، لكن زكية جورج وجدت في صالح الكويتي ضالتها ووجد فيها هواه فقرر ان يجعل منها اشهر مطربات بغداد تتسابق شركات اوديون وبيضفون على كسب رضاها، وتسحر شاعر الهند طاغور الذي ما ان راها حتى كتب كلمات "يابلبل غني لجيرانك" التي تحولت بفضل عود صالح الكويتي الى واحدة من اشهر اغنيات ذلك الزمان، وذات يوم تفاجأ زكية جورج، باهتمام صالح الكويتي بمطربة شابة اسمها بدرية أنور، كانت تغني وهي ترتدي العباءة، فلحن لها الكويتي الاغنية الشهيرة " يم العباية..حلوة عباتج "
كانت العباءة المنسابة من الرأس إلى القدمين ولا تنزال جزءاً من الحياة الاجتماعية العراقية، ولم تكن اكتشافاً جديداً وحصريا بأسم السيدة امطار المياحي التي شغلت مواقع التواصل الاجتماعي بالمؤامرة التي تقودها الامبريالية الامريكية ضد عباءتها، بل ذهب الخيال بها انها قررت ان تجعل من العباءة زياً رسميا لنساء العراق.
شهد العراق في بداية القرن الماضي معركة حول السفور والحجاب، كان اشهر من تصدى للدفاع عن حرية المرأة الشاعر والفيلسوف جميل صدقي الزهاوي، فقد كان الشاعر الكبير من ابرز المدافعين عن تعتبر حرية المرأة ومساواتها من أساسيات حقوق الانسان وتقرير المصير، واختيار نمط الحياة التي تريدها، والهيئة التي تظهر فيها، والاعمال التي تريد ممارستها.
من الحكايات الجميلة في تاريخ المرأة العراقية ما قامت به الشاعرة والاديبة المعروفة عاتكة الخزرجي، التي كانت تحضر للمدرسة بالعباءة، لكنها في يوم من الايام قررت ان تتجاوب مع متطلبات العصر، وان تستبدل العباءة بالقبعة، وذات يوم شاع الخبر في ثانوية الاعظمية بأن الاستاذة عاتكة قررت نزع العباءة، وتروي إحدى طالباتها فتقول انه كان يوما مشهودا عندما تزاحمت الطالبات في باب المدرسة وممراتها وساحاتها حيث لاحت امامهن معلمتهن الفاضلة، ليست سافرة، بل وضعت على رأسها بدلا من العباءة قبعة جميلة. همست الطالبات لبعضهن البعض أمام هذا المشهد المثير، "يا ويلي!".
" ياويلي " على العراق الذي ينام هذه الايام ويصحوا على ترند " عباءة امطار ".