إذا أردت أن تعرف كيف تُدار السياسة في بلاد النهرين، فإن مشاهدة اللقاء الأخير مع رئيس مجلس النواب محمود المشهداني، تكفيك لتقف على أبعاد الخراب الذي عشنا فيه خلال السنوات الماضية.
خاطب المشهداني جمهور المشاهدين بأن لا إصلاح ولا تقدم، وان العراق مكون سخيف، وقبل أن تسأل عزيزي القارئ عما قاله المشهداني المعروف بتصريحاته الغريبة والعجيبة، عليك ان تسأل: لماذا ثارت ثائرة الاطار التنسيقي وطالب بتعليق محمود المشهداني تحت نصب الحرية؟، وقبل ان تضرب اخماساً باسداس، اريد ان اذكرك ان المشهداني عاد الى كرسي رئاسة البرلمان بدعم وتشجيع ومباركة و"هلاهل" من الاطار التنسيقي نفسه، وربما تقول يا عزيزي القارئ ان المشهداني تجاوز الخطوط الحمراء، فأتمنى عليك ان لا تصدق ثورة نواب الاطار التنسيقي، فالكثير من اعضائه كانوا اول من اهان العراق باصرارهم عندما وصفوه بانه مكون استعماري مصطنع، كما قال ذات يوم احد ابرز خطبائهم، بل ان الكثير منهم كانوا يتلعثمون عندما تسألهم احدى الفضائيات عن الولاء لمن للعراق ام للدولة الجارة؟ ، ويمكنك عزيزي القارئ أن تعود إلى الخلف وتتذكر صورة المشهداني في المستشفى بعد ان ادى الدور التمثيلي الذي كتبه واخرجه له الاطار التنسيقي.
بعد مشاهدة محمود المشهداني، أيقنت أن العراقيين، نساءً ورجالاً، يستحقّون الجنّة، لسبب أساسي، هو أنهم يتعرضون للكذب والنفاق والخديعة كلّ يوم وعلى مدى عقود طوال .
ليس لديَّ موقف شخصي من الدكتور محمود المشهداني الذي اشتهر بتعليقاته الغريبة في البرلمان والتي أدت إلى إقالته سابقاً، فالرجل دائماً ما يقحم نفسه في مجال التنظير السياسي بعد أن فاته التميّز في مجاله كطبيب، ولا أُريد أن أتحدث عن إخفاقه كسياسي، لكن مشكلتي معه انه يريد ان يؤسس لنمط جديد من السياسة شعاره"يرّادلها بخت"وهو الشعارالذي أطلقه ذات مرة لكي يعود إلى كرسي السلطة وبرّر مطالبته هذه بطريقة كوميدية حيث قال لمحاورته: "لإننا شبعنا أخطاء وبعد منخطأ"، و لا أدري عن أية أخطاء تحدث السيد المشهداني والتي تعلّم منها ساستنا الافاضل..هل هي سرقة أموال الشعب والزواج الحرام بين السلطة والثروة في العراق بالتزوير والرشوة والعبث بمقدرات الناس؟!
للأسف يعاني كاتب مثلي من مشكلة عميقة مع المشهداني ومع الذين أصروا على إعادته الى كرسي الرئاسة، فهم رغم اعتراف البعض منهم بأن المشهداني اخذ يغرد خارج السرب، لكنهم في الوقت نفسه لا يريدون أن يدركوا أن طباخ السم يجب ان يتذوقه.
للاسف لازلنا نعيش عصر التقلبات عندما يريد ان يثبت أن مشهداني الأمس، لا علاقة له بمشهداني اليوم.