الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
هل بالآمال المرهونة يتحقق التغيير .. ام بنفح من ثورة 14 تموز المجيدة

   لقد مرت سنون طوال ونحن لم نترك تكرار ابتلاع ريقنا السياسي، لعلنا نتذوق طعم ثورة الرابع عشر من تموز 1958. ، وفي ذكراها السنوية فهل ارتوينا من نبع الآمال المرهونة باسس تحقيقها وهي عتبة لم تدركها القوى المحركة للتغيير .. نعم الذكرى ملهمة ولكن قد سبقنا الزمن في طبعه المتواصل لتغير الاحوال وفي طريقه يطال الامال ذاتها ايضاً.. ففي مراحل متعاقبة كان نفح الثورة يملأ صدور الاحرار ويدفعهم لامتشاق سلاح ثورة 14 تموز لتحديثاها وفاءً لمنجزاتها المصلوبة وقبلها نحر قادتها الشهداء الاماجد. الا ان ما حصل من تداعيات كارثية لم يسمح بانضاج اختمارها على غرار " جبهة الاتحاد الوطني " 1957 لتدعم وتضغط على الزناد الوطني كي يطلق رصاصة ساعة الصفر.

   في ذكراها السابعة والستين نتطلع الى وهجها المميز والذي فتقدناه منذ انتكاستها بانقلاب شباط الاسود 1963 على يد قوى الردة المضادة من ابناء الاقطاع والرجعية وعملاء الاستعمار بقيادة البعث العفلقي والقوى القومية الشوفينية وايتام الظلام الملكي المباد.. ولم يستحضر سير الزمن شبيهاً للشهيد عبد الكريم قاسم ولا لبعض رفاقه الشهداء البواسل.. لان القوى الرجعية المنتقمة من الثورة قد تمكنت من التمترس واعادت مد جسورها الى الخارج الاستعماري التي هدمتها الثورة. هذا ما اضعف الى حد بعيد الحالة الثورية لدى القوى المناضلة الوطنية، زد على ذلك خلافاتها الذاتية. وبه لم يحصل تغيراً في موازين القوى لان التشبث بكرسي الحكم اصبح لدى الحكّام، عقيدة مبرقعة بعقيدة قومية مستهلكة او بدينية متخلفة، تعاني من الاغتراب عن ارادة شعبها. ان مباعث العصر واستمرار دولابها، وتبادل وتقاسم الادوار بجحفلة العساكر ونقلاباتهم مما جعلهم يغدون الاقرب بوصفهم الى ابناء العقارب الذين يأكلون امهم من ظهرها بعد ان تلدهم .. وان ابرز تجليات ذلك في ثنائية حكم البعث الفاشي.

   وتأتي بنا حومة التاريخ الى واقعنا الحالي الذي لايقل تعساً وبؤساً عن سابقه ، الذي لا يعفى من ترابط جذوره مع سلفه.. فاذا كان سيف القمع في الماضي يصاغ من (صلب الامة القومية) نجد اليوم اداة الصد والرد والاستحواذ مبررة بـ " المقدس " رغم عدم وجود ادنى رابط بين " المقدس " والتسلط والاستحواذ وانكار الحقوق والفساد وانعدام الروح الوطنية تجاه الشعب والوطن .. وبزخم كل ذلك قد طفح الكيل لدى الناس، وما عادت تخفي صوتها الاحتجاجي، ويشهد الشارع العراقي في كل يوم ارتفاع رايات الغضب وفضح الفاسدين من المتنفذين المغتصبين لمداخل ومخارج الحياة في البلاد، لقد عرفنا هذا النوع من التسلط ولكن تاريخ العراق الحديث والقديم لم يشهد حكاماً يبيعون ارض وسيادة بلدانهم، ان اتعس الدكتاتوريات الظالمة لم تقدم على مثل ما يجري اليوم لحدود العراق وموانئه حصن الوطن المثلوم..

   ولابد هنا من مشاهدة لوحة الوطن عقب ثورة 14 تموز 1958 التي اقدمت على تاميم اكثر من 90% من الارض، واسترجاعها من شركات النفط الاستعمارية، كما اعادت الارض الاميرية من شيوخ العشائرالاقطاعين، التي منحها النظام الملكي وفقاً لقانون 50 سنة 1932، ووزعتها الثورة على من يفلحها. لا وجه للمقارنة هنا، وهذا اصبح منطلقاً للطغمة الحاكمة بتجاهل ثورة تموز واسقاط ذكراها من ايام العطل الرسمية، والغاء اعتبارها عيداً وطنياً للعراق، ووضعت بدله يوم دخول العراق عصبة الامم وبقائه مسلوب السيادة تحت الانتداب البريطاني. لذا بات جلياً الموقف الثأري الذي اتخذته السلطات الحالية. حتى وصل الحال الى ان تنتزع قطع الارض التي منحها الاصلاح الزراعي وليد الثورة التقدمي ممن فلحها منذ بواكير العهد الجمهوري، وتركها عرضة لنهب مليشياتها بل جعلتها مصدراً للنزاعات العشائرية وعدم تحديد شرعية ملكيتها، التي كانت طيلة الفترات الماضية ضمن عقارات الدولة، كل ذلك من فرط الحقد الطبقي على ثورة الرابع عشر من تموز المجيدة.. والمواقف تتبع من قبل اعداء الثورة ولكن تبقى ذكراها في افئدة العراقيين الشرفاء ابداً .

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 16-07-2025     عدد القراء :  6       عدد التعليقات : 0