الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
رواتب موظفي الاقليم، رواتب الحشد الشعبي… حلول

   تعيش شرائح اجتماعية عديدة من ابناء شعبنا في دائرة القلق والحيرة من عدم استلام مستحقاتهم الشهرية في وقتها المحدد ولا سيما أنهم يعيلون عوائل لها متطلباتها المعيشية الملحة.

   من أبرز هذه الشرائح فئة موظفي إقليم كردستان العراقي الذين يعانون كل فترة من قطع رواتبهم بحجج تتقاذفها الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم، بسبب عدم تسديد سلطات الإقليم لنسبة حصتها من الواردات الاقتصادية النفطية وغيرها وكذلك المنافذ الحدودية والضرائب وما شاكل للخزينة الاتحادية، مما تؤدي بوزارة المالية حجب تحويل الرواتب.

   هذه الإشكالية تبقى داخلية وخاضعة للاتفاقات السياسية كما للصراعات بين طرفي النزاع، بينما يجب أن لا يخضع قوت المواطن للابتزاز من اية جهة كانت ولأي سبب كان. وقد كان قرار توطين رواتب موظفي الاقليم والبيشمركه حلاً صائباً لو عُمل به ولكن تسويف حكومة الاقليم في تنفيذه وضع العقبات امام حل هذا الامر.

   قيادة الاقليم ليست راغبة بتوطين رواتب موظفي وبيشمركة الإقليم، وتسهيل عملية الوصول إلى مستحقاتهم بالبطاقة الائتمانية والسحب المباشر، لأن ذلك يعني تحررهم من ربقة أحزاب السلطة في الإقليم، وتأكيد وحدانية المرجع المالي في البلاد، ومن ثمة، فك قبضة الأحزاب الحاكمة عن التحكم بأموال الرواتب، حجباً أو اطلاقاً، وهي ما لا تريد التضحية بأحد مقومات سطوتها ونفوذها.

   نواجه هذه الايام معضلة جديدة متعلقة بتأمين رواتب منتسبي الحشد الشعبي بعد المنع الأمريكي لبعض البنوك العراقية من فعل ذلك لأن ذلك يعرضها للعقوبات التي ستحملها خسائر كبيرة.

   وبهذا فإن الحكومة العراقية والجهات الرسمية تقف عاجزة عن خرق التحذيرات الأمريكية التي قد تؤدي إلى ضربة قاصمة للاقتصاد العراقي الذي تتحكم في مدخلاته ومخرجاته الخزانة الأمريكية والتي كانت من مفرزات حرب الخليج الأخيرة… ولا فكاك من قيودها لأنها من جانب آخر تحافظ على الأموال العراقية المودعة في خزائنها من نهم الساعين إلى التعويضات من حروب النظام البائد.

   وبينما كما أشرنا أن أسباب داخلية، تقف خلف عدم صرف رواتب المواطنين العراقيين في الإقليم قابلة للتذليل، لو خلصت النوايا…

   ولكن الأمر يختلف بالنسبة لرواتب منتسبي الحشد، لأن الطرف الضاغط خارجي و يمسك باصابعه خيوط اللعبة، ويتحكم باعطاء الدولارات بالقطرة، خصوصاً مع عدم وجود نوايا يمكن أن تخلص بين الولايات المتحدة والحشد الشعبي بعد إدراج اغلب تشكيلاته وقياداته في قائمة الإرهاب وتعتبره مهدداً لمصالحها في المنطقة بسبب تبعيته لإيران.

   الا أن مهمة إيجاد مخرج للآلاف من عوائل الحشد تبقى ملحة وتهدد بما لا يحمد عقباه، في ظل حيرة وعجز حكومي و حشداوي ظاهر في الوصول إلى حلول.

   وإذا كان اقتراح الاندماج بالقوات المسلحة الرسمية التابعة للدولة من جيش وشرطة، بشروط العسكرية الوطنية العراقية، لتجاوز هذه المشكلة، مشكلة تأمين الرواتب، لا يعجب قيادات الحشد وميليشيات الأحزاب والجمهورية الاسلامية الايرانية من ورائهم، فإنه ينبغي الاستعانة بالإمكانيات الأخرى :

   ففي حقيقة الأمر أن ميزانية الحشد في السنوات الماضية شهدت تضخماً كبيراً توازي ميزانية جيش دولة، وهذا يفترض وجود أموال مودعة لأوقات الشدة، وهل يا ترى شدّة أكبر من هذه حيث احتمالية تعرض عوائل منتسبيها الكثيرة للعوز والضنك ؟!

   لاسيما وان نشاطات الحشد الشعبي العسكرية تشهد فتوراً.

   كما أعلن قبل سنوات، وعلى لسان شخصيات نافذة في الحشد عن تأسيس مؤسسات استثمارية تابعة لمؤسسة الحشد مثل "شركة المهندس" التي ذكر أحد المطلعين الاقتصاديين، تحقيقها أرباح كبيرة من نشاطاتها الاقتصادية، وهذا ما يمكن الارتكان إليه لسد جزء من حاجات عوائل ابناء الحشد وشهدائهم.

   أو يمكن حتى الاستعانة بسلطات الجمهورية الاسلامية الإيرانية في تأمين الرواتب على غرار ما كان حاصل في لبنان على اعتبار أن الحشد والفصائل الأخرى، تتبعها سياسياً وفقهياً وعسكرياً.

   ولا يغيب عن البال بأن تعويض رواتب عوائل الحشد لتضحيات ابنائها الكبيرة من اجل المذهب يمكن أن تغطيه المرجعيات الدينية والوقف الشيعي وأموال المراقد وتبرعات الزائرين.

   أخيراً وليس آخراً، الا يجب على الأحزاب الاسلامية الشيعية ومكاتبها الاقتصادية الثرية وقياداتها المترفة، التصدي لهذه القضية الجليلة وحلها لصالح هذه الفئة التي وقفت حصناً منيعاً بينها وبين الشعب في مناسبات عديدة ؟!

   وبذلك لن نرى ضرورة لما ذهب الإطاري أبو ميثاق المساري في أحد لقاءاته التلفزيونية : "الناس تبيع ملابسها حتى تنطي الحشد رواتب" !!!

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 16-07-2025     عدد القراء :  15       عدد التعليقات : 0