تشير تقارير وصلت إلى مكاتب أحزاب في الإطار التنسيقي الشيعي، إلى أن التحالف يحتاج إلى عملية «تغيير جلد»، وإلا لن يكون «القوة الكبيرة» في الانتخابات القادمة.
ويتوقع مراقبون أن «الإطار» سيتمكن من إجراء «تحولات» سريعة مع المتغيرات الجديدة في المنطقة، التي بدأت منذ وصول «ترامب» الرئيس الأمريكي.
ووفق تلك المؤشرات، تصرّح مصادر مطلعة على «التقارير التحذيرية»، بأن هناك «تراجعًا تكتيكيًا» عن الحديث حول إيران، والدور الإيراني في العراق، وهو حديث معتاد في العراق مع كل انتخابات.
وبحسب المصادر التي تحدثت لـ(المدى)، فإن «أغلب القوى الشيعية (باستثناء 3 فصائل) تتفق مع سياسة الولايات المتحدة في إبعاد الفصائل، وتبني سياسة معتدلة مع القضايا الحساسة في المنطقة، في غزة، ولبنان، وسوريا».
وتشير التقارير إلى أن آليات العمل القديمة للقوى الشيعية «لم تعد صالحة» في الوقت الحالي، بسبب ضعف الدور الإيراني، وأن رئيس الحكومة الحالي محمد السوداني «يسبق الجميع بخطوة».
اللحاق بالفائز
ويُفترض، بحسب بيان سابق للمجموعة الشيعية، أن «الإطار» سيخوض الانتخابات المقبلة «بقوائم متعددة» و»يلتئم» بعد ظهور النتائج.
وجرّب الإطار التنسيقي هذه الخطة في الانتخابات المحلية الأخيرة (2023)، وظهرت بها أخطاء في المحافظات.
لكن رغم ذلك، فإن ما جرى هو الأفضل، بحسب عمار الحكيم، زعيم تيار الحكمة، حين علّق الأسبوع الماضي ضد تعديل قانون الانتخابات.
الحكيم وحيدر العبادي، رئيس الوزراء الأسبق، وآخرون يفكرون بالالتحاق بالسوداني، بعد فوزه الكبير المتوقع، بحسب بعض التحليلات.
ويُعتقد، بحسب ما يُتداول في الأوساط السياسية، أن فوز رئيس الحكومة في هذه الانتخابات «سيغير معادلة الشيوخ» داخل التحالف الشيعي.
ويقدّم السوداني شكلًا جديدًا من السياسي الشيعي البعيد عن إيران في خطاباته، وهو ما يمنحه فرصة التقدم بـ»خطوة» على حلفائه الشيعة الآخرين.
ويُقدّر أن السوداني سيفوز على الأقل بـ»50 مقعدًا»، ما يعني حوالي ثلث مقاعد «الإطار» مجتمعة في حال كانت الأرقام متقاربة مع انتخابات 2021 (نحو 150 مقعدًا).
فوز السوداني المتوقع سيغيّر خارطة «القيادات» داخل الإطار التنسيقي، ويزيح إلى حد ما «الزعامات التقليدية» مثل نوري المالكي، وهادي العامري إلى المستوى الثاني من صنع القرار داخل المجموعة.
العامري كان قريبًا من التحالف مع السوداني، لكن تسريبات بأن موقف الأخير من «أحمد الشرع» الرئيس السوري، أو رغبة رئيس الحكومة بالنزول «منفردًا»، خلافًا لاتفاق سابق داخل التحالف الشيعي، أبعدت بين الرجلين.
كذلك كان متوقعًا أن يُجرى تحالف بين الحكيم والعبادي بالضرورة (الاثنان حليفان منذ 4 سنوات) مع رئيس الحكومة، لكنه لم يحدث حتى الآن، لكن تحالفهما بعد الانتخابات يبدو أمرًا محسومًا.
وكانت عملية «اللحاق بالفائز» قد حدثت قبل ذلك بوقت أطول بالنسبة لنواب ووزراء، على إثر توقعات بحصول السوداني على ولاية جديدة.
في آذار 2024، تولى أحمد الأسدي، وزير العمل، مهمة الإعلان مبكرًا عن تحالف انتخابي، يقوده رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.
نفى الأسدي، قبل أيام، الأنباء التي ذكرت انسحابه من التحالف مع رئيس الوزراء، وذلك في بيان مقتضب، دون تقديم المزيد من التفاصيل.
وقال الأسدي، آنذاك في لقاء تلفزيوني (آذار 2024)، بأنه «سيشارك في الانتخابات البرلمانية المقبلة ضمن قائمة يتزعمها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني».
وقبل الانتخابات المحلية نهاية 2023، كان محمد الصيهود، القيادي في ائتلاف المالكي، قد قفز إلى مركب السوداني، وكاد يقود تحالفًا خاصًا برئيس الوزراء لولا معارضة «الإطار» حينها لترشح الأخير.
كذلك قفزت عالية نصيف، المدافعة الشرسة عن المالكي، إلى مركب السوداني، بعد نتائج الانتخابات المحلية، فيما لمح الأول بأنها كانت تريد «مكاسب أكثر»، بحسب النائب عن ائتلاف دولة القانون عقيل الفتلاوي.
«شعارات انتخابية»
ويبدو ضمن الموجة الجديدة الفارين من مركب المالكي، هي النائب السابق حنان الفتلاوي، التي كانت قد انشقت عن الأول قبل أن تعود له في الانتخابات الأخيرة.
الفتلاوي كانت قد دافعت عن «السوداني» بعد هجمة قادها ائتلاف المالكي، على الأغلب، ضد الأخير بسبب قضية «الأمانات الضريبية».
الفتلاوي قالت في تغريدة على منصة «أكس»، إن محاولة ترويج شائعات عدم تأمين الرواتب تمثل «دعاية انتخابية مبكرة».
ويؤكد نواب تحالف المالكي، بأن حكومة السوداني تمر بـ»أزمة مالية حقيقية» تهدد «رواتب الموظفين»، بحسب النائب ثائر الجبوري.
ويعتقد الجبوري، بحسب تصريحات صحفية، بأن هذه الأزمة دفعت السوداني إلى أخذ أموال «أمانات الضرائب» لتمويل الرواتب.
وكانت المالية قد نفت التلاعب بأموال «أمانات الضرائب» بخطاب سياسي تحدثت فيه عن الانتخابات!
وقالت الوزارة في بيان حول هذا الموضوع، إن «هناك من يفهم التنافس السياسي، عن جهل أو عن قصد، على أنه ترويج للأكاذيب والإشاعات».
وأضافت بأنه: «محاولة لبث معلومات خاطئة بهدف التحريض ونشر البلبلة، وهذا ما تعدّه الحكومة أسوأ أنواع الخطاب الانتخابي؛ لأنه يتحلل من المسؤولية الأخلاقية».
وأظهر كتابٌ متداول صادر عن مجلس الوزراء في 15 نيسان الماضي، تخويلاً لوزيرة المالية، طيف سامي، سحب مبلغ يتجاوز 3 تريليونات دينار لتمويل رواتب شهر نيسان والأشهر اللاحقة، مشيرًا إلى سحب مبالغ من «الأمانات الضريبية» التي لم يمضِ عليها 5 سنوات.
«الإطار» قد يخسر قوته!
وسط ذلك، يتوقع الباحث في الشأن السياسي أحمد الياسري، بأن «الإطار التنسيقي» قد لا يعود القوة الكبرى في الانتخابات المقبلة، إذا تحققت بعض الشروط.
وفي تعليق لـ(المدى)، قال الياسري: «إذا تشكّل رأي عام شعبي يدفع أغلبية القوى المقاطعة إلى استثمار التحولات الستراتيجية في المنطقة للمشاركة في الانتخابات، حتمًا سيضعف دور الإطار التنسيقي».
وأضاف الياسري، من المركز العربي-الأسترالي للدراسات الستراتيجية، أن «الانتخابات القادمة إذا اشترك فيها الصدريون والأغلبية المقاطعة، فإن التحالف الشيعي لن يعود كما كان سابقًا».
بخلاف ذلك، إذا بقي الصدريون مقاطعين، والكلام للياسري، وأغلبية الجمهور مقاطعة، فستكون الانتخابات قانونية، لأن الجمهور الوظيفي الذي تستغله دائمًا كتل السلطة (الموظفون، والجيش، وآخرون)، موجودون ولا يتغيرون، ويجب أن يشاركوا، وهم «سيمنحون الانتخابات الشرعية القانونية، فيصبح فوز الإطار قانونيًا».